انالله سبحانه و تعالى خلق الكون بعلم , و جعل له قوانين تحكمه و تسري على كل المخلوقات من علمها و من جهلها , و إن الحكيم الفطن من عمل العقل و تفكر في أحوال المخلوقات فاستنتج قوانين الحياة و نظمها و سنن الله التي لا تتغير , و إن من أهم هذه القوانين, قانون السبب و النتيجة فإن الحكيم يعلم بالضرورة أن لكل شيء سبب و هناك قولة معروفة بهذا المعنى" إذا عرف السبب بطل العجب " , و لكي نغير حالنا الذي هو النتيجة علينا معرفة السبب ثم تغييره و قد قال تعالى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " أي أن على الإنسان الاجتهاد و البحث عن الأسباب و محاولة تغييرها , و قد عرف العالم إنشتاين الغبي " من يعمل نفس الشيء و ينتظر نتيجة مختلفة " , فنفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتيجة .
و هنا يجب البحث في قوانين العقل و التي يعتبر الاعتقاد أهمها و ملخصه أن ما نعتقده نصبحه , فالاعتقاد يحدث سواء كان مبنيا على معلومات صحيحة أو خاطئة , و الاعتقاد فكرة قبلها العقل الواعي و كررها باستمرار فأصبحت راسخة في العقل اللاواعي و الذي يجعلها ضمن شخصيتنا فنتصرف حسبها في ردود أفعالنا وفي حالة تفكيرنا, لأن الاعتقاد يحدد اتجاه تفكيرنا فنقبل ما يتفق مع معتقداتنا و نرفض ما لا يوافقها , و بذلك نؤكد فكرتنا الحالية أكثر فأكثر و لتوضيح ما أريد الوصول إليه إليك هاتين القصتين التين تبينان مدى تأثير الاعتقاد في تصرفاتنا حتى و لو بني على معلومات خاطئة.
قصتنا الأولى قصة طالب كانت نتائجه في الثانوية ممتازة , ثم تقدم للجامعة , و طبعا الجامعة تقوم باختبار القبول لكل المرشحين , فحصل على درجة 98 , فظن الطالب أن الدرجة تشير إلى معدل الذكاء (IQ) و مقدار معدل الذكاء 98 أقل من المتوسط الذي هو 100 درجة , و في أول صف كانت درجاته أقل من المتوسط , فكلمه المرشد و علم أن الطالب يظن أنه حصل في اختبار القبول على معدل أقل من المتوسط , لكن المرشد صحح له خطأه و أعلمه أنه حصل على معدل 98 أي أنه أحسن من 98% من الطلاب الذين تقدموا للامتحان و أنه ينذر مثيله بين طلاب الجامعة , و في الفصل التالي قفزة درجاته إلى أعلى مستوى.
قصتنا الثانية تدور أحداثها كذلك في الجامعة , و بطلها شاب مواظب و مجتهد , سهر طوال الليلة الماضية في إنجاز بحث طلب منه , و في اليوم الموالي غلبه التعب فتراجع للصف الأخير في القاعة و نام و لم يستيقظ إلا على صوت جرس نهاية الحصة , فنظر في السبورة فإذا بها معادلتين نقلهما في دفتره على أنهما واجب منزلي , و لما رجع للبيت حاول حل المعادلتين فاستعصتا عليه فانطلق إلى المكتبة و بحث على بعض المراجع لعلها تساعده في حل المعادلتين , و بعد جهد جهيد تمكن من حل إحدى المعادلتين , بعد ثلاثة أيام كانت الحصة الموالية لنفس المدرس , انتظر أن يطلب منهم جمع الأعمال المنزلية لكنه لم يذكرها فانتظر نهاية الحصة و توجه نحو المدرس يستفسر عن عدم جمع الأعمال و التي بدل فيها جهدا كبيرا , استغرب المدرس من السؤال و طلب منه أن يريه العمل , فتفاجأ المدرس بإجابة التلميذ و قال له : " أن هاتين المعادلتين أعطاهما كمثال لمعادلات لم يستطع العلم الحديث حلها , و أنه قد نجح في حل إحدى المعادلات و التي كانت عليها جائزة مالية كبيرة , وليس فقط الجائزة المالية و لكن الجائزة الفكرية أكبر فقد أصبحت صوره و إنجازه بجميع الجامعات الأمريكية كمثال لطالب حل معادلة عجز العلماء عن حلها.
سؤال مفتوح : لو علم هذا الطالب أن هذه المعادلات لم يتمكن العلم الحديث من حلها , فهل كان سيحاول إنجازها ؟ و إن حاول فهل سيحاول بجدية ؟
و الخلاصة أن القصص التي تؤكد صحة قانون الاعتقاد كثيرة , و كل من نظر إلى محيطه سيجد دلالاته و أثاره , و على من يرغب في النجاح أن يصدق به و أن يجعله يعمل له لا ضده , لأنها في كل الأحوال تعمل سواء صدقنا بها أو لم نصدق , فإن كان اعتقادك أنك ناجح فإنك ستتصرف وفقا لاعتقادك و بذلك تكون ناجحا و العكس صحيح , إذن بداية النجاح تنظيف عقولنا من الاعتقادات السلبية التي تعيق تقدمنا نحو النجاح و تصبح كالفرامل التي تمنع السيارات من التحرك أو على الأقل تجرها للخلف